8dArtboard 8 copy 2

الجامعة الكوردية الألمانية بين الحقيقة والوهم

تحقيق صحفي
إعداد مكتب الإعلام في تيار الحرية الكوردستاني
27.05.2025

في الفترة الأخيرة، انتشر خبر تأسيس جامعة كوردية خاصة في ألمانيا باسم “ الجامعة الدولية الكوردية الخاصة في ألمانيا“ بشكل واسع عبر العديد من المحطات والقنوات التلفزيونية الكوردية و مواقع التواصل الاجتماعي. غير أن هذه القنوات لم تتحقق من صحة هذا الإعلان، مما أثار العديد من التساؤلات حول حقيقة وجود هذه الجامعة من عدمه. ومن هذا المنطلق، انطلق فريق مكتب الإعلام في تيار الحرية الكوردستاني في تحقيق صحفي دقيق للتحقق من صحة هذا الإعلان، من خلال مقابلات ومراسلات رسمية مع الجهات الحكومية المختصة بمنح تراخيص الجامعات الخاصة في ألمانيا.

بداية هناك جمعية مرخصة في ألمانيا تحمل اسم المنتدى الألماني-الكوردي (Deutsch-Kurdische Forum DKFe.V.) التي تأخذ على عاتقها تأسيس الجامعة الدولية الكوردية الخاصة في ألمانيا, بمعنى أن “ الجامعة الكوردية “ مشروع لهذه الجمعية.

في بداية التحقيق، أجرى فريقنا لقاءً صحفياً مع نائب مدير المجلس الإداري للجامعة المزعومة السيد يونس بهرام، وهو كوردي من سوريا يعيش في ألمانيا منذ عام 1985. أكد السيد بهرام خلال اللقاء أنهم حصلوا على ترخيص من وزارة التعليم العالي في ألمانيا قبل ستة أشهر، لكن السيد هوزان إبراهيم، عضو مجلس الإدارة، أكد لنا أنهم لم يحصلوا بعد على الترخيص القانوني في ألمانيا، لكن الأمر قيد العمل عليه.
بحسب نظام التراخيص في ألمانيا، فإن الترخيص للجامعات الخاصة يُمنح من قبل الجهات المعنية للولاية التي توجد فيها الجامعة، وليس من الوزارة الاتحادية. فإذا كانت الجامعة موجودة في مدينة درسدن، فإن ترخيصها يجب أن يصدر عن وزارة العلوم والثقافة والسياحة في ولاية ساكسونيا (زاكسن).

ومن هنا، لجأ فريقنا إلى مراسلة وزارة العلوم والثقافة والسياحة في ولاية ساكسونيا بهدف التأكد من صحة وجود ترخيص للجامعة الكوردية الخاصة. ولدى البحث في قاعدة بيانات الجامعات الحكومية والخاصة في الولاية، لم يتم العثور على أي ذكر لهذه الجامعة، رغم إدخال جميع الأسماء المحتملة للجامعة.

وهذا الأمر يدعو إلى التساؤل: كيف يؤكد السيد بهرام حصولهم على ترخيص وهو غير ظاهر ضمن سجلات الوزارة الرسمية؟ وإذا كان الترخيص حقيقياً، فإن اسم الجامعة يجب أن يكون مدرجاً ضمن المواقع الرسمية، وهو ما لم يحدث.

أجرى فريق مكتب الإعلام ثلاث مقابلات بشكل منفصل، مع كلٍّ من السادة زردشت حاجو و هوازن إبراهيم، عضوي مجلس الإدارة في الجامعة المزعومة، والدكتور آزاد علي، أحد داعمي المشروع. وأكّد حاجو و علي وبشكل صريح عدم امتلاكهما لأي معلومات حول ترخيص هذه “الجامعة”، مشيرين إلى أنّ التفاصيل المتعلقة بذلك بحوزة السيد يونس بهرام فقط. كما وأكد السادة الثلاثة أنهم سمعوا عن إعلان هذه الجامعة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والمحطات الاخبارية الكوردية وابدوا استغرابهم من ذلك. بينما نشر موقع روناهي مقابلة مع مسؤولة قسم(IT) في الجامعة المزعومة، جنور زاغروسي، وأكدت خلالها أن الجامعة مرخصة وموجودة.

بحسب إفادة الدكتور آزاد علي، فإنّ المشروع بدأ بفكرة أكاديمية بحتة، إذ جرى لقاء في ألمانيا قبل أكثر من عام حضره الدكتور آزاد و السيد كريستوف شولتس رئيس “الجامعة” حالياً، الذي كان حينها يشغل منصب رئيس لإحدى الجامعات الخاصة، و آخرين. وتم التباحث حينها في إمكانية إطلاق مشروع “الكوردولوجيا”، أي علم الدراسات الكوردية، ضمن تلك الجامعة القائمة, حيث حضر الدكتور آزاد الاجتماع بصفته الأكاديمية، وشارك في مناقشة المنهاج الدراسي المقترح.

وأكد الدكتور آزاد أنّ الفكرة الأساسية تمثّلت في افتتاح قسم مختص بالكوردولوجيا ضمن جامعة خاصة قائمة كان يترأسها السيد شولتس حينها، لكنه تفاجأ بإعلان تأسيس الجامعة من مواقع التواصل الاجتماعي و المحطات الاخبارية الكوردية.
وبخصوص الصور التي يتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي على أنها للجامعة وأنه تم افتتاحها، نفى كل من السادة زردشت حاجو والدكتور آزاد علي و هوزان إبراهيم صحّة الصور المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تزعم أنها توثق مباني الجامعة، مؤكدين أنها صور مفبركة ولا تمت للواقع بصلة.
عقب لقائنا مع السيد يونس بهرام، قام فريق مكتب الإعلام في تيار الحرية الكوردستاني بمحاولة التواصل مع السيد “كريستوف شولتس”. أرسلنا له رسالة رسمية عبر البريد الإلكتروني للاستفسار عن وضع الجامعة القانوني، وترخيصها، ومكانها، والمناهج المعتمدة فيها. وحتى تاريخ إعداد هذا التحقيق، لم نتلقَّ أي رد منه. هذا الصمت المريب يزيد من الغموض ويضع علامات استفهام إضافية حول مدى جدية ومصداقية هذا المشروع المزعوم.

علاوة على ذلك، أكد السيد بهرام في مقابلات عديدة له مع وكالات إخبارية كوردية أخرى أنهم يفتقرون إلى التمويل، معتبراً ذلك سبباً في عدم الانطلاق الحقيقي للجامعة. لكن بحسب القوانين الألمانية، التمويل هو أحد الشروط الأساسية لمنح ترخيص لأي جامعة خاصة، إلى جانب وجود هيكل إداري واضح، وبرامج تعليمية محددة، ومرافق مناسبة، وهذا ما لا يتوافر وفقاً لما ورد عن السيد بهرام، مما يضع ادعاء حصولهم على الترخيص في حالة شك كبيرة.

عندما طلب أحد الصحفيين من السيد بهرام تحديد عنوان الجامعة في درسدن لإجراء مقابلات وتصوير مرافقها، رفض الأخير بحجة المخاوف الأمنية من هجمات عنصرية تركية، وهو أمر غير منطقي بالنسبة لجامعة مرخصة في ألمانيا، إذ يجب أن يكون عنوان الجامعة معروفاً ومتداولاً بشكل رسمي.

في مقابلة أخرى، ادعى السيد بهرام أنهم حصلوا على موافقة الحكومة الألمانية للاعتراف بشهادات ما يسمى “الإدارة الذاتية”، معتبراً أن هذا الأمر لا يشكل عائقاً. لكن في الواقع، لا يمكن للحكومة الألمانية الاعتراف بشهادات صادرة عن جهات لا تعترف بها الدولة السورية نفسها، مما يجعل هذا الادعاء بعيداً عن الواقع القانوني و لا يمت للحقيقة بصلة.

خلال المقابلة مع السيد بهرام، أكد أنهم يمتلكون علاقات مع عدد من الجامعات في إقليم كوردستان العراق. إلا أن فريق مكتب الإعلام في تيار الحرية الكوردستاني قام بالتواصل مع عدد من هذه الجامعات بشكل مباشر( جامعة دهوك و جامعة نوروز مثلاً) و أكد مسؤول علاقات إدارة جامعة دهوك، نزار أمين محمد، بتصريح رسمي لنا عن عدم وجود أي علاقات وتواصل سواء بشكل رسمي أو غير رسمي مع هذه “الجامعة” وأنهم علموا بها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك أيضا أكد مصدر من إدارة العلاقات والإعلام في جامعة نوروز بمحافظة دهوك بتصريح رسمي لنا، أنه لا توجد اية علاقات رسمية أو غير رسمية أو حتى بروتوكولية مع هذه “الجامعة” ولا يعرفون من هو رئيسها أو أعضاء مجلس الإدارة.

الخلاصة

يتضح من خلال تحقيقنا أن ما يُروّج له حول حقيقة وجود الجامعة الدولية الكوردية الألمانية الخاصة لا اساس ولا وجود لها على ارض الواقع على الإطلاق ولا يوجد أي اعتراف بالشهادات التي تصدرها مؤسسات الإدارة الذاتية.
عدم وجود ترخيص رسمي، عدم صحة الاعتراف بشهادات الإدارة الذاتية، رفض الإفصاح عن عنوان الجامعة، عدم توفر التمويل بحسب ادعاء السيد يونس بهرام، وأخيراً نفي جامعات كوردية رسمية وجود أية علاقة او تواصل رسمي مع مجالس إدارتها، كلها دلائل كافية و واضحة على أن هذه الجامعة غير موجودة على أرض الواقع ككيان تعليمي معترف به في ألمانيا.
هذا التحقيق يسلط الضوء على أهمية التحقق من الأخبار والمعلومات قبل نشرها، وخاصة في قضايا تعليمية تمس مستقبل الشباب، لتجنّب الوقوع في فخ الشائعات والأوهام التي قد تؤدي إلى خسائر معنوية ومادية كبيرة خصوصاً لطلبتنا.

نص الرسالة التي وصلتنا من وزارة العلوم والثقافة والسياحة في ولاية زاكسن الألمانية

Screenshot 20250527 230337 Gmail

رابط الجمعية:
https://ikuas.de/

رابط لشروط ترخيص الجامعات الخاصة في ألمانيا:

https://www.academics.de/ratgeber/private-hochschulen#

رابط خبر صحيفة روناهي:
https://ronahi.net/ku/?p=224042&fbclid=IwY2xjawKhueRleHRuA2FlbQIxMQBicmlkETAxYUVyUGhmbWk2MDBxU1M3AR4GqBQ7rhC_IFeQkyD4-dbeBi9Ix7gu-d_3BlH2fMkmjLkB4K9JhoCzYINpEA_aem_vanMeuX09oKRFBlxEemejQ