إن الشعار الذي أعلنته الإدارة السورية المؤقتة مؤخراً لا يُمثّل سوريا ولا يعكس واقعها التعددي، بل يُجسّد رؤية أحادية تُعيد إنتاج منطق الهيمنة المركزية بأسلوب جديد لا يختلف في الجوهر عن سياسات الإقصاء التي مارسها النظام السابق لعقود.
من الناحية القانونية، فإن هذا القرار يفتقر إلى أي شرعية دستورية. فقد نصت المادة الخامسة من الإعلان الدستوري السوري الصادر في آذار 2025 بوضوح على أن:
“يُحدد شعار الدولة ونشيدها الوطني بقانون.” وبما أن إصدار القوانين من صلاحيات السلطة التشريعية حصراً، فإن أي محاولة من السلطة التنفيذية لفرض شعار الدولة تُعد مخالفة صريحة للإعلان الدستوري، وتُبطل القرار قانونياً، وتُفقده أي مشروعية أو إلزام سياسي، كذلك يعتبر مخالفاً للقانون رقم /37/ لعام 1980 الذي نص أنه لايمكن تعديل الشعار الرسمي للجمهورية إلا عبر المسار التشريعي.
أما على صعيد المضمون، فإن اعتماد “العقاب الذهبي” كرمز للدولة يطرح إشكاليات عميقة تتعلق بهوية سوريا الجامعة. فهذا الاختيار محمّل برموز دينية وإيديولوجية أحادية، لا تعبّر عن جميع مكوّنات سوريا، بل تعيد حصر هوية الدولة في سردية ثقافية واحدة. إن فرض رمزية دينية ضيقة على دولة متعددة القوميات والأديان، يُعد امتداداً لمنهج الإقصاء السياسي والثقافي.
إضافة إلى ذلك، فإن تثبيت عدد المحافظات السورية بـ 14 محافظة فقط، وفق ما يرمز إليه عدد الريشات في الشعار، يُكرّس الرؤية الإدارية القديمة التي تجاهلت لعقود مطالب السكان المحليين، خصوصاً في كوردستان سوريا. إذ يُعد تجاهل تحويل عفرين، قامشلو، وكوباني إلى محافظات مستقلة استمراراً لسياسة التهميش والإنكار الإداري، رغم ما تمثله هذه المدن من ثقل ديموغرافي وسياسي.
إننا في جبهة كوردستان سوريا نرفض هذا الشعار من حيث الشكل والمضمون، ونراه تعبيراً عن مشروع سياسي أحادي لا يحترم التعدد القومي والديني ولا يستند إلى أي توافق وطني. سوريا الجديدة التي نطمح إليها هي دولة ديمقراطية تعددية، تمثّل كل مكوناتها بهويتها، وثقافتها، ورموزها الوطنية، لا دولة تُختزل برمز مركزي لا يُمثّل إلا جزءاً ضيقاً من المجتمع.
ندعو القوى السياسية الوطنية، ومؤسسات المعارضة، إلى رفض هذا القرار، والتمسك بمبدأ الشراكة الحقيقية في صناعة الرموز الوطنية، وعدم السماح بإعادة إنتاج دولة ما قبل الثورة بأدوات جديدة.
جبهة كوردستان سوريا
6.7.2025