264256Artboard 6 copy scaled

في الذكرى التاريخية لإسقاط النظام وتأكيد مسار الفيدرالية

بيان إلى الرأي العام من تيار الحرية الكوردستاني

▪︎ أيها السوريون… أيها الكورد أينما كنتم…
تمرّ علينا اليوم الذكرى السنوية الأولى، التي ظنّ السوريون أنها ستكون بوابة الخلاص من نظام الأب والابن، ذلك النظام الذي أرهق البلاد بعقود من الاستبداد، وقمع الإنسان، وطمس الهويات، وتجاوز كل قيم المواطنة والعدالة. ففي آذار 2011، خرج السوريون بمظاهرات عارمة ملأوا فيها الشوارع مطالبين بالحرية والكرامة، ظناً منهم أن سوريا ستعود وطنًا لكل أبنائها.

لكن الثورة السلمية سرعان ما تحوّلت إلى ساحة صراع دولي، تدخلت فيه إيران وروسيا وميليشيات طائفية وحزب الله لدعم النظام، فيما انخرطت قوى متناقضة في دعم فصائل المعارضة وفق مصالح ضيقة لا علاقة لها بطموحات السوريين. وهكذا تحولت البلاد إلى ساحة تدمير للبنية التحتية وتفكيك للمجتمع.

ومع سقوط النظام باتفاق دولي، ظهر أحمد الشرع أو ما كان يعرف آنذاك بأبي محمد الجولاني، كلاعب جديد يتقدّم نحو دمشق، ليصل إلى القصر الجمهوري ويعلن نفسه رئيسًا مؤقتًا للمرحلة الانتقالية. قدّم وعودًا واسعة، لكنه أعاد إنتاج تجربة الإقصاء نفسها. أعلن مؤتمر النصر ودعا قادة فصائل مطلوبين دوليًا، دون دعوة أي من مكونات الشعب السوري الرئيسية: لا الكورد، ولا السريان، ولا الآشوريين، ولا الدروز، ولا العلويين، ولا التركمان.

ومع تصاعد الصراع، بدأت بعض الفصائل المسلحة بشن هجمات على مناطق العلويين والدروز، تحت ذرائع مواجهة فلول النظام، فيما كان الهدف واضحًا: تفتيت المجتمع وفرض منطق القوة على حساب العدالة والمواطنة. هذا الانحراف عن مبادئ الثورة السلمية أسهم في تفكيك النسيج السوري وأدى إلى توترات غير مسبوقة بين المكونات المختلفة.

ثم جاءت دعوة مؤتمر الحوار الوطني، فكانت نسخة جديدة من الإقصاء؛ دعوات محددة ومغلقة لمن يدورون في فلك الشرع، وعملية دستورية صُمّمت على مقاسه، وانتخابات مجلس شعب مُحكم فيها الثلثان لصالحه. كل ذلك أظهر أن المركزية لم تُترك جانبًا، بل أعيد إنتاجها في قالب جديد على حساب الديمقراطية والشراكة الحقيقية.

▪︎ أيها السوريون…
لم نناضل ونقف إلى جانب الثورة لنصل إلى ما نحن عليه اليوم من صراعات طائفية وقومية، وحالة إنكار لحقوق الشعوب التي تشكل روح سوريا. إننا في تيار الحرية الكردستاني نؤمن أن الحل يبدأ بالاعتراف الحقيقي بالتنوع، وفتح باب الحوار الشامل بعيدًا عن الوصاية، وبناء نظام سياسي جديد لا يُقصى فيه أي مكوّن.

▪︎ يا أبناء شعبنا الكوردي…

لقد كنتم دائمًا جزءًا أصيلًا من الثورة، ووقفتُم مع حلم التغيير يوم ابتعد عنه كثيرون. لم ترفعوا سوى راية الحرية، ولم تطالبوا إلا بالاعتراف بهويتكم القومية وحقوقكم السياسية، وبسوريا يتشارك فيها الجميع دون تفوّق أو هيمنة. نؤكد اليوم أن الحقوق القومية ليست منّة من أحد، وليست بندًا تفاوضيًا، بل ركن أساسي من الحل السوري.

ونذكّر الرئيس المؤقت لسوريا أحمد الشرع وكل القوى السورية بأن الاتفاق الكوردي الصادر عن كونفرانس 26/4/2025، واتفاق 10 آذار، ليسا وثيقتين للزينة، وإنما التزامًا سياسيًا يجب احترامه وعدم التهرب منه، سواء في الجانب العسكري أو الإداري أو السياسي.

▪︎ أيها السوريون…

إن سوريا المستقبل لا يمكن أن تُبنى بالعقلية المركزية نفسها التي دمّرت البلاد، بل عبر نظام لامركزي وفيدرالي يضمن حقوق كل الطوائف والقوميات، ويعيد بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، ويمنع تكرار الهجمات الطائفية التي تعمّق الانقسام.

وعليه، يعلن تيار الحرية الكوردستاني:

1. التمسك بالخيار الفيدرالي بوصفه الطريق الوحيد لمنع الانقسام الحقيقي وبناء دولة عادلة. وإنهاء احتكار القرار في مركز واحد.

2. ضمان الحقوق القومية الكوردية سياسيًا وإداريًا وثقافيًا، وبناء إدارة حقيقية في مناطقهم.

3. إعادة صياغة العملية الدستورية بما يعكس التعددية السورية ويضمن شراكة كل المكونات دون استثناء.

4. فتح باب الحوار الوطني الحقيقي، بعيدًا عن الإقصاء، وبمشاركة جميع القوميات والطوائف من الكورد والعرب والدروز والعلويين والسريان والآشوريين والتركمان.

5. تحييد الدين عن السياسة، ورفض الطائفية والعنصرية، والحد لأي اعتداءات خارجة عن القانون ضد القوميات والأديان، والعمل على حماية جميع المواطنين دون تمييز.

إن سوريا التي نحلم بها ليست سوريا الأجهزة، ولا سوريا المركز الواحد، بل سوريا الحرية… سوريا العدالة… سوريا الفيدرالية التي يتشارك فيها الجميع بصياغة مستقبلها.

وفي هذه الذكرى، نجدد عهدنا لشعبنا الكوردي أولًا، ولكل السوريين، بأننا سنبقى جزءًا من معركة بناء وطن يستحق تضحياتكم، ويليق بآمال الذين رحلوا على طريق الحرية.

من أجل فيدرالية عادلة… ومن أجل وطن يتسع للجميع.

تيار الحرية الكوردستاني

8 / 12 / 2025