كانون الأول 8, 2025
الذكرى السنوية الأولى لتأسيس جبهة كوردستان سوريا وسقوط نظام بشار الأسد
في الثامن من كانون الأول تقف جبهة كوردستان سوريا أمام ذكرى مزدوجة تحمل في جوهرها معاني التحوّل وبداية مسار جديد: ذكرى تأسيس جبهتنا التي وُلدت كضرورة تاريخية وسياسية في لحظة مفصلية من مسار البلاد، وذكرى سقوط النظام الاستبدادي الذي صادر إرادة السوريين لأكثر من خمسة عقود.
لقد كان انهيار النظام لحظة فارقة أنهت عهدًا طويلًا من القمع والتمييز، وفتحت المجال أمام السوريين لإعادة تصور دولتهم ومستقبلهم. كانت تلك اللحظة إعلانًا واضحًا بأن سوريا القديمة القائمة على المركزية الحديدية وإنكار الحقوق القومية والسياسية قد انتهت، وأن مرحلة جديدة بدأت تتشكل على أسس المساواة والاعتراف والتشاركية بين جميع الشعوب المكوِّنة للوطن.
وفي اليوم ذاته من العام الماضي، وبعد سلسلة من اللقاءات التشاورية في عدد من الدول الأوروبية وفي إقليم كوردستان وفي الداخل السوري، اجتمعت إرادة مجموعة من الأحزاب السياسية الكوردية ومنظمات المجتمع المدني وشخصيات وطنية مستقلة فاعلة لتعلن تأسيس جبهة كوردستان سوريا كإطار سياسي جامع يستند إلى رؤية موحّدة حول مستقبل القضية الكوردية في سوريا، وحول شكل الدولة التي تضمن العدالة والاستقرار والعيش المشترك.
لقد جاء تأسيس الجبهة في 8 / 12 / 2024 استجابةً لحاجة وطنية وكوردية ملحّة، وإيمانًا بأن تنظيم الجهود وتوحيد الموقف السياسي الكوردي هو شرط أساسي للدفاع عن الحقوق القومية لشعبنا وتحويلها إلى واقع دستوري واضح في سوريا المستقبل. وانطلقت الجبهة من قناعة راسخة بأن القضية الكوردية ليست قضية فئوية ولا مطلبًا ثانويًا، بل هي ركن أساسي في معادلة السلام والاستقرار ووحدة الدولة السورية.
وتؤكد جبهة كوردستان سوريا في هذه الذكرى أن صياغة دستور جديد للبلاد باتت مسؤولية وطنية لا تحتمل التأجيل، دستور يعيد تعريف علاقة الدولة بمواطنيها على قاعدة الشراكة الحقيقية، ويقرّ بالحقوق القومية والسياسية للشعب الكوردي كشريك أصيل في الوطن، ويضمن له إدارة شؤونه عبر نظام ديمقراطي لامركزي وفيدرالي يوزّع السلطة بشكل عادل ويمنع احتكار القرار الوطني.
إن الفيدرالية ليست مشروعًا للتقسيم كما يروّج البعض، بل هي صيغة عصرية لإدارة الدول متعددة الشعوب، وقد أصبحت الخيار الواقعي لضمان وحدة سوريا ومنع عودة الاستبداد وترسيخ مبدأ المشاركة المتوازنة بين جميع المكونات.
كما تدين الجبهة كل أشكال التحريض القومي والطائفي التي ظهرت خلال الفترة الماضية، وتعتبرها امتدادًا لنهج النظام السابق الهادف إلى زرع الشقاق بين السوريين. وعلى السلطات الانتقالية وقوى المجتمع مواجهة هذا الخطاب بكل حزم والعمل على تعزيز ثقافة المواطنة والشراكة والتفاهم بين جميع أبناء سوريا.
إننا في جبهة كوردستان سوريا نؤمن أن بناء سوريا جديدة يتطلب شجاعة سياسية وإرادة صادقة تقوم على الديمقراطية التوافقية، واللامركزية، والفيدرالية، واحترام حقوق جميع الشعوب دون استثناء. هذه هي الأسس التي تُبنى عليها الدولة التي تليق بتضحيات السوريين وتضمن مستقبلًا عادلًا وآمنًا ودائمًا لأجيالهم القادمة.
وفي ذكرى سقوط الطغيان وولادة مشروعنا السياسي، نجدد التزامنا الكامل بخدمة قضية شعبنا والدفاع عن حقوقه، والعمل على بناء شراكة وطنية حقيقية تُخرج سوريا من ظلام العقود الماضية إلى أفق الحرية والسلام.
هيئة رئاسة جبهة كوردستان سوريا
8 كانون الأول 2025
